أزمة التقادم بين القتل العمد والمخدرات
تثار تساؤلات قانونية كثيرة حول مدى عدالة السياسة التشريعية في التفريق بين جناية القتل العمد وجناية الاتجار بالمخدرات من حيث سقوط العقوبة بالتقادم. فبينما تسقط العقوبة في جريمة القتلى العمد بعد مضي 20 سنة طبقًا لقانون الإجراءات الجنائية، نجد أن العقوبة في جنايات الاتجار بالمخدرات لا تسقط أبدًا مهما طال الزمن، وهو ما يطرح شبه المساس بمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في الدستور.
في الواقع، فلسفة التقادم تقوم على أن مرور الزمن يضعف من أثر الجريمة، كما أن المجتمع ينسى الواقعة وتتغير الأحوال، ومن ثم فتنفيذ العقوبة بعد مضي زمن طويل قد لا يحقق العدالة، بل يُعيد فتح جراحح اندملت. ومن هنا جاء مبدأ التقادم الذي يعد في جوهره نوعاً من التسامح القانوني واستقرار الأحوال.
لكن المشرع المصري خرج على هذا المبدأ العام في قانون مكافحة المخدرات رقم 182 لسنة 1960، وأكد في مادته 46 مكرراً (أ) أن العقوبة في جنايات الاتجار بالمخدرات لا تسقط بالتقادم. وهو استثناء واضح من القاعدة العامة التي تُجيز سقوط العقوبة بعد مضي 20 عاماً.
السؤال هنا: هل الاتجار في المخدرات أخطر من القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد؟ إذا كانت الإجابة بالنفي – وهي كذلك في نظر الكثيرين – فإن الاستثناء الذي نص عليه القانون يخل بمبدأ التناسب والمساواة، وقد يُطعن عليه بعدم الدستورية.
نحن أمام ضرورة مراجعة التشريع بما يضمن التوازن بين حماية المجتمع وتحقيق العدالة. فالمجرم الهارب من تنفيذ العقوبة يعيش سنوات في عزلة وقلق دائمين، وهو ما قد يُعادل – إلى حد ما – تنفيذ العقوبة فعليًا. لهذا فإن تفعيل مبدأ التقادم على نحو متساوٍ بين الجرائم الجسيمة ينبغي أن يكون محل دراسة جادة.